السبت، 15 مايو 2010

المصرى اليوم : اللى اختشوا.. ماتوا..!

بقلم أحمد الصاوى ١٥/ ٥/ ٢٠١٠


من حق الحزب الوطنى أن يحصل من مؤسسات الملكية الفكرية على شهادة بالتفرد بين جميع الأحزاب السياسية فى العالم كله، ومن واجبه أن يسارع إلى مكاتب الشهر العقارى لتسجيل إنجازاته وإبداعاته، قبل أن يستخدمها حزب غيره ويدعى زوراً وبهتاناً أنه مبدعها.
لا يحتاج منك الأمر بحثاً ولا تدقيقاً ولا اطلاعاً لتحكم بأن الإجراءات التى اتخذها الحزب الوطنى فى سياق استعداده لانتخابات مجلس الشورى، لا مثيل لها فى العالم كله.
هل لديك شك أنه الحزب الوحيد فى العالم الذى يخوض الانتخابات فى الدائرة الواحدة بمرشحين يتنافسان على نفس المقعد وكل منهما يحمل اسمه ويقدم نفسه باعتبار أنه المرشح الرسمى للحزب، بعد أن فشلت المجمعات الانتخابية فى حسم المنافسة بينهما والاستقرار على مرشح واحد منهما فقط.
تلك ليست أول الإبداعات ولن تكون آخرها، لكنها نوع من الإبداع الذى يضطرك لشد شعر رأسك ــ إن كان به شعرــ والصراخ بكل ما فيك من قوة: «يا مثبت العقل»، وقبلها أجبر الحزب أعضاءه على التوقيع على توكيلات إذعان يتنازل خلالها عضو الحزب عن حق الترشح والتنازل عن الترشح للحزب، بما يسمح لأمين التنظيم بسحب ترشيح أى عضو ينشق عن الحزب ويحاول الترشح مستقلاً ضد المرشح الرسمى.
هل تجد فى ذلك دلالة أكثر من أن الحزب الذى من المفترض أن يقنع الناخبين باختياراته، فشل فى إقناع أعضائه بهذه الاختيارات، ويفشل كل مرة مما يفجر انشقاقات عصية على الاحتواء، تضطر الحزب إلى التهديد بفصل المنشقين ثم يضمهم إلى صفوفه صاغراً بمجرد نجاحهم كمستقلين.
دلالة أخرى فى أعضاء الحزب أنفسهم الذين يباهى أمين التنظيم بأن أعدادهم بالملايين، من منهم دخل الحزب مقتنعاً بمبادئه ــ إذا كانت له مبادئ معلنة ــ ومن منهم لديه ولاء لتلك المبادئ، إذا كان أول اختبار تتصادم فيه المصالح الشخصية لهؤلاء الأعضاء مع الالتزام الحزبى يضربون بهذا الالتزام عرض الحائط، فينشقون ويستقيلون، وينافسون الحزب، أو يرغمون بالتوكيلات على الامتناع.
هل لديك شك إذن أن هذا الحزب «تجمع مصالح» وأن من يدخلونه يبحثون عن استفادة مباشرة من نفوذ الحزب ــ الذى يستمده من اندماجه مع الدولة وتميزه برئاسة رئيس الدولة له ــ من أجل الحصول على مقعد فى مجلس الشعب أو الشورى أو المجالس المحلية، أو الوظائف الإدارية العليا فى قطاعات مختلفة صار جواز مرورها الحزب وأمانة السياسات، وعندما لا يحدث ذلك تصبح عضوية الحزب كأن لم تكن.
لن أذكرك بشهادات مؤسسى الحزب الوطنى الذين ما إن فوجئوا بمجرد تأسيسه والإعلان عن ترؤس الزعيم الراحل أنور السادات له، حتى انتقل جميع أعضاء حزب مصر إلى الحزب الجديد، فبدا وكأنك غيرت لافتة الحزب القديم فقط، وإنما أذكرك بأن الحزب الذى رشح اثنين باسمه فى عدة دوائر، مستحدثاً ظاهرة لا مثيل لها فى العالم، عندما يرسب مرشحاه الاثنان معاً، وينجح مرشح مستقل، سيبادر فوراً لضمه لصفوفه، ولن يجد حرجاً فى تدبيج العبارات والأحاديث لتبرير كل هذا التناقض الصارخ فى مسيرته الاحتكارية للوطن.. اللى اختشوا ماتوا منذ ٣٠ عاماً أو أكثر...!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق