شعر الثورة


تلك الكلمات كانت بداية التنبؤ بأن التوريث سوف يكون المسمار الأخير في نعش هذا النظام الفاسد الذي هوى بمصر وشوه المصريين.

الوريث

عرش منقوش
على لوحات الزمن
كهل يرقد
على حكايا المِحن
حبل من مسد
يخنق الجيد
ويحرق الجسد
يخترق قرقعات الصمت
ويفتل جذور الكبت

طفل تحت العرش
يُشَيِّدُ دُمية
بأحجار همجية
الكهل ينحِت
عظام المسرحية
وتنمو في بستانه
الأحلام الهزلية

الوصية تَعبُر
شوارع الأكاذيب
الميراث مُعلق
على أبواب حوانيت الباطل
وهن المحاولة
يستجدى عزم الحق العاطل
الوريث يتسلق
دَرَجَ المداهنة
يرهن جلدي
فتستحي المراهنة
يغادر الليل مسرعا
ليغتصب فجرى
يرث دمى
يرتوي بأوردتي
يغرس دميته
في أغشية منامي
يضاجع وسائد الزور
يغتصب منابع النور
يعبث بجسد المكان
يبيع المُغتَصب
تحت جُنحِ البهتان
يدس الميراث
في خزائن القهر
والكهل نزيل
في تأوهات النهر

الطفل يحاول طي المارد
في جيب الزيف
المارد يثقب رأس الطفل
يعتلى ترنح الخوف
يتقدم همهمات الصف
يهتف تحت قباب الفكرة
لن أصبح ضيعة
لن اُطعَم
فساد البيعة
لن اهذى
على شفاه النزوة
أبدا سأكون الغُصة
والغضبة والقِبلة

د.مصطفى الجزار
 21سبتمبر 2010
---------------------------


هنا كان التعبير عن تفاقم الوجع، وتلمس قدوم المارد المخلص التي أثبتت الأيام بعد شهر وبضع أيام أنه هذا الشعب من كل فجاج مصر



في انتظار المارد

شجرة الخلاص
تجلس وحيدة
تُقلِب صفحات الظل

التجاعيد تتدلى منها
والشيب يُمزِق
منابت الأغصان

وقطيع
يلعق ذكرى الثمار
وتزدريه
حقول التاريخ

غريب؛؛
اَجتاز مَعابر العقول
وأُجمِّلُ أواني الشفق
بمكاحل الشمس

احتمى بمظلات الفجر
من حرائق
تغسل طرقات الليل

وحدي أسيرُ
في أحراش تهتف
بعودة الغائب

القطيع يجتر حلما متعبا
ويلثم أنينه
فينام

أُشعِل الوجع شعرا 
مارقا خارج السياق

افترش صوتي
وأُراقب أفراخ حروف
يُداعِبها المهد

أُراوِد نجمة
ظلها صبح
لم يأتِ بعد

على أكتاف صبايا الندى
تنتحر الأغنيات المؤجلة

يا مخاض المُنْتَظر قل لهم
سِفْر القدوم إدعاء
انتظروا خارج الزمان
وتناوبوا إراقة الدعاء

في مُعْتَكف الزهر
فراشة
تصنع من النسيم
ابتسامات

بخار الضوء يُنشِد
أهازيج الحرية
الفراشات تزأر
بملامسة السماء
والقطيع يعوى
في كهوف الفناء

د.مصطفى الجزار
 13ديسمبر2010

------------------------------


وجاءت الساعات الأولى لسنة 2011 محملة بما ينذر بالتالي من أحداثها التي غيرت تاريخ مصر، وكانت تفجيرات كنيسة القديسين بالاسكندرية التي فتحت الكثير من ملفات فساد هذا العصر. هذه كانت كلماتي في أول أيام هذه السنة ... 2011



قتلة الحفل

كنت هناك
عند بحيرة الدمع الشاسعة
أتأبط ذراع حفل متعب
يسير بين المعذبين

أتفحص وجوه
تفتش في صناديق الأحلام
عن بقايا لحظة أمل

وحين غبار اسود
يأتي شبح
من أقصى الوجع يسعى
يحمل زهورا
ملفوفة بريق الصبار
ويمتطى زخات خراب
تستأنس
برعشات شبق القبور

يهتف بالولاء لجنون
محترق بين حفر الأيام
ذات موت

يلقى على الرماد
معلبات فتنة مزدحمة
بآفاق الهذيان

تتفجر فوهات الجهل
وتندفع توابيت
تحصد أجنة الحلم

يسود العدم
ويموت الحفل

*****

ترجمة النص للانجليزية بقلم الشاعر العالمي المبدع منير مزيد ..

The ceremony Killers 

Mostafa Elgazar

I was there
Near the vast lake of tears
I clutch on an arm of a weary ceremony 
Walking among the suffering ones 
Checking faces that search in the boxes of dream 
For the remains of a moment of hope

With black dust
A ghost Comes
From the extreme pain 
Seeking 
Carrying flowers wrapped in the spit of cactus
Riding showers of ruin
Acquainted with the lust of graves
Hailing in allegiance to the burnt madness 
Between the holes of days of death

Thrown on the ash 
Canned of crowded temptation
With the horizons for delirium

Thus the mouths of ignorance explode
And coffins rush 
Harvesting the embryos of dream

Nihility dominates 
And the ceremony dies 

(Translated By Munir Mezyed)

د.مصطفى الجزار
 1 يناير 2011


------------------------------------------------------

ومع إقتراب اللحظات الحاسمة كان الشعور بأن ظلم هذا الفرعون قد بلغ مداه، فكانت كلماتي هذه



"فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوه "ُ

أيها الفرعونُ
الرابضُ على
خزائنِ الأنفاس
أنا ..
أنا من نحتَ ملامحَ قسوتِكَ
برعشاتِ الأناملْ
ولَوَنَ
انهارَ طغيانِكَ
بنزيفِ الوهن
ومن حيث لا أدرى
أو
أدرى لحنتُ
معزوفتَكَ الإلهيةْ

لا تريد موتى واقفا
فعلمني الركوعْ
علمني
عقوقَ العقلِ
وإطفاءَ النخوةِ
وبترَ لسانِ الكرامةِ
علِم شفاه جلدي
كيف تلثُمُ السوطَ
وتُنشِدُ للجلادْ

اِصفع وجهَ حُلمي
كي تبتلعَ الدموعُ
أهازيجَ الحريةْ
ابن لي صرحا للغفلةِ
أرتلُ عندهُ
ظلمَكَ المقدس
ولكن ..
ولكنك لستَ مُعلِما
بل أنتَ
غثاءُ بحرِ المشانقِ
وأنا
أنا هنا ..
ازرعُ
أسرابَ حروفٍ خضراءْ
حولَ أناتِ المتعبينْ
وسأموتُ
واقفا
سأموتُ
واقفا

د.مصطفى الجزار
12يناير2011

--------------------------------------------
وكانت الثورة التونسية وهروب "زين العابدين بن علي" بداية لانكسار الصمت العربي على هذه الأنظمة العفنة،، وكانت هذه الكلمات



استقالة الصمت

أعلنَ على الملأ
استقالة الصمت
وزرعَ بين الضلوع
رحيق غضبة
ومضى
ينقش الأعياد
على كف نخلة عاهدت
ألا تخون
ويهمس للسحاب المسافر
بين جدائل الإنعتاق

وفى مساء زهرة
نمت على ضفتيها
الأشواك
خارج المطر
يتلوى
خريف ثعبان
تسقط الريح
على فحيح أغصانه
يمتطى الذعر
ويفتش عن جحر يحتويه
ضاقت به
أشرعة الأرض
وتاهت دروبه
في سماء تبغضه

وذات حريق
حملته أذرع الذل
إلى كهوف الهزيمة
فارتعدت الأفاعي
ارتعدت الأفاعي

د.مصطفى الجزار
18يناير 2011
--------------------------------------------------

ثم كانت المطالبة برحيل كل هذا العفن قبل أن تدوي هذه الصرخة في كل شوارع مصر بأربعة أيام فقط


ارحلوا

شتاءٌ ينهمر من عينيكِ
يتساقط
على أعمدة المطر المتكئة
على حافة الجرح

أهداب الدخان
ترصد
برهة لهب
تعبر ليل مدينتي
زمن يعلن موت المجهول
وانتحار الظلال

الحقيقة تمضى حافية
على رمال
تعتنق لحظة مخاض الزهور

بضع سطور تسقط
من أصوات الشرفات المحترقة
ثمة غريب
يلملم رماد الكلمات المشتعلة
بهدوء
يطعم جوف سلة مزهرة
ويسكب بعض النور
على قطع القمر المظلمة
يحفر في أبخرة البداية
ثم يقتفى ظله ويرحل

وكل شيء يتحرك
إلى ما بعد اللحظة
وماذا بعد اللحظة ؟
مازالت الدقائق حبلى
بثوان تلهو
على عقارب الساعة
ومازالت البداية الملساء
تلفظ أبخرة خضراء وبيضاء
ومازلت أغتسل بالإصرار
وأحشد زلزال الصرخات

ارحلوا
ارحلوا ودعوا لي حبيبتي
جففتم كؤوس الدمع
ونهشتم أحشاء جيوبنا
احتكرتم ضوء الشمس
وصنعتم هجيرا لليل يلفحنا
رتلتم الفساد وعلمتمونا
أن الذل منجاة
ولجبروتكم سجد البحر
ولعنتكم الأمواج المصلوبة

باق أنا يا حبيبتي
لي وطن لا يموت
رغم ما يدعون
قلبي بيدر للبنادق والفراشات
فيه
ترقص الحمائم
ويغنى النور
 
دكتور/مصطفى الجزار
21 يناير 2011
 -------------------------------


ونزل أبناؤنا إلى الشارع لصناعة الغد .. أدعى الجاهلون أن الزهور ذبلت .. وها هي قد تحولت إلى نخل سامق يعلمهم أن هذا الوطن أبدا لن يموت .....

أفنان الحرية

اِنتحلَ
جناح طائر
::::
واستعار
من تخوم الشمس
شعاع
::::
حفر
على جذع الحلم
وطن
::::
وزرع
على صدر العطش
نهر
::::
دون
على شفاه الزهر
عهد
::::
فأورقت
على كف الصبار
لحظة أمل

د.مصطفى الجزار
27يناير 2011

------------------------
وكانت كلماتي هذه للميدان الذي شهد ميلاد أيام سطرت أزهى الصفحات في تاريخ مصر المعاصر


ميدان التحرير (مخاض الكرامة)

قطعة أرض
وصرخة وانفجار
وزهور تستنشق
ملامح البياض
وحشد يلتحف
ابتسامات الزمان

عاد الغائب
واستفاقت أجنحة الأحلام
وبعناقيد الضوء
بللت الحسناء أحضانها
وبدم الشهيد
خُضِبت خفقات العزة

وحين غفوة
تقيأ الفساد أحشائه
فقاعات سوداء
تتكئ
على أكتاف الليل
وبقع بغيضة
توسوس
في أذن الحريق

وتهتف الزهور
لا تخنقوا البياض
لا تسرقوا البسمة
أبدا
لن تحرقوا النقاء

د.مصطفى الجزار
4فبراير 2011

-----------------------------
وفي أنتظار رحيل الطاغية، الذي كان متشبثا بالكرسي حتى آخر لعنة خرجت من فم جائع يدعو عليه، كانت هذه الكلمات


سقطت الشرعية

نُزع الغطاء
انفجر النبع
وانطلق السيل يحفر
آذان الصمم

ألا تسمع يا هذا
هدير زهور حبلى
بألوان الفجر ؟

كل الدوائر حولك
تعفنت
تقطعت
مرضك الآن بدا
وتهشمت
صواري الدجى

تحرر العبيد
ومازلتَ
أسير السيادة
سقطت الشرعية
والتهمتك
فراشات الحرية

أ مازلت تُلقى إلينا
بأذنابك السامة ؟
وقوارير جديدة
ازدحمت
بألسنة خداع قديمة

من نَصبك أبا ؟
تستجدى الحب
وقد عققت
دم أبنائك
تُزين وجه الحرائق
وقد هتكتَ
بكارة الماء

تستدعي
فحيحا ينصركَ
فتُغرد
على غيمات الصبر طيورٌ
تتوضأ
بشهوة التحليق

د.مصطفى الجزار
7فبراير 2011

--------------------------------
وكانت هذه أولى كلماتي بعد رحيل الطاغية


خُبْزُ الْحُرّيَةْ

أَيُهَا الزَمَانُ
تَمَهّلْ
تَأَمّلْ

مِنْ غُرْبَتِهَا
تَحَرّرَتْ السِيَادَةُ
وتَسَرْبَلَتْ السَاعَاتُ
بِتَرَاتِيلِ الرِيَادَةْ

حل زمن الشعوب
فويل للظلام
من غضبة النور

انحنى النسيم يُقبِل
بذور الفجر
ويداعب
خد الزهور

إلى هناك حملتني
أغنية الإصرار
في عيونٍ
يشتهيها المُحال

هنا طريق نقشته
أهداب ملائكة
عانقت الشهادة

حملوا
على أجنحة الفكر حلم
فتخضبت
شموع يافعة
بقطرات دم
سال
على أجفان اللهب

وعدهم القدر
بخبز الحرية
وشدو السماء

اخرجوا
أول الشمس
من جيوب الظل
ورحلوا
إلى حيث يتعطر الوجود
بملامح الخلود

وفى الميدان
نما العشب
وأورقت
على أكُف البيارق
ألوان المدينة

التأم الجرح
وأشرقت الشمس
تُضمِد الآهة
وترسم العرس
على شراع السفينة

انتصب التاريخ
يُسطِر مجدا
على جدران السماء
ويُسقِط مطرا
يروى أحلام المساء

د.مصطفى الجزار
16فبراير 2011

----------------------------------
ومع رحيل رأس النظام وبعض معاونيه بدأ يلوح في الأفق مخطط لإجهاض الثورة التي أعتبر المجلس العسكري الذي تولى أمر البلاد أنها أدت دورها وأنتهت عند هذا الحد. وكانت هذه كتاباتي التي عبرت عن هذه المرحلة الملتبسة والهادرة في تاريخ مصر


ظنونٌ على ضفاف الوجع


طعنوه
فتألم وثار
كمموا الأفواهَ
واستكثروا عليهِ
رفاهيةَ الآه

عُلِقت على أبواب النهار حكايا
نقشتها أناشيدُ المطر

تهاوي غرورُ المستحيلِ حين حاصرته
تراتيلُ السَحر

نقطةُ دمٍ باسمة
صافحت ارتعاشَ دمعةٍ
تنبأت بالخطر

وقعت من بين أناملهِ
سَلةُ أيامهِ القليلة
و وسومُ القدر

تناثرت الأيامُ في سماء الميدان
تعزف
علي خفق الوتر

خيولٌ
صهيلُها مزق عطشَ الماء

صرخةٌ
انتمت للنهر
وتنفست بصدر السماء

مصابيحُ
سال ضوءُها بين رحيلِ الشفقِ
وأهدابِ المساء

وهطولُ النورِ غيثٌ
امتد من الدجى إلى الدجى
بلا انتهاء

نتأ من ظهر الوجع أحمقٌ
قد أضمر صقيعَ الفجور

حاول اغتيالَ الشمسِ فانفجرت
أقمارا ونجوما وبحور

قال:
أطلقوا الرصاصَ على
فرحة الزهور

ازرعوا الدربَ حفرا
وأحجارا وقبور

صَوِبُوا نحو وشم النغم على
صدر الطيور

هذا صدري
عَارٍ كما الصحراء
لا يبالي وهجَ رصاصتِك

هذا دمي
أناملُ ضوءٍ
أشعلت ليلَ خيانتِك

هذه يدُك
قد ماتت
قبل أن يولدَ الموتُ

وذا وطني
في حضنِ حضنِه
ارتميتُ

وذاتَ ظلامٍ

أطل من شُرفة الحُلمِ قناعٌ
يتوسط زحفَ الركام

ثْبَت الأملَ
تحت أقدامِ الرياح

أعلن على الملأ
أولَ الحَصاد
ومخاضَ الصباح

ثم لاذ بركن
عند منعطفِ السواد

يحاول غسلَ دمي الذي التصق
بإدعاء الحِداد

يملأ قواريرَ عظامي
بنوايا موتٍ صاعق

يسكب صدي المؤامرة
على لهيب هُراءٍ مارق

أيمكن أن تكونَ لك ذراعا تحميني
وأخري تحمي قاتلي؟

تحاول قتلَ طائرٍ
من الوشم قد أنطلق

واستِعادةَ حرفٍ
على سطر قد أحترق

مات الخوفُ واندثر
عند أطرافِ جُرحٍ غائر

وكل رصاصةٍ من رحمها
يُولَدُ ألفُ طائر

ألم تدرك بعد
أن الجَناحَ لا يُقيد
وأن الموجَ لا يُروض
وأن النهرَ لا يُقوض؟

د.مصطفى الجزار
29 يوليو 2011

------------------------------

ثَورَةٌ تَخْتَنِقْ

فِي لَيْلٍ
يَزْدَحِمُ بابتِهَالَاتِ صَمْتٍ
يُدَاهِمُ سِيَاجَ الدَهْشَةْ

أَتَسَلّقُنِي
كَي الْتَقِطَ حُلْمَا دَنَا
فَتَدَلّى
فَكَانَ قَابَ صَرْخَتَينِ أَو أَدْنَى

يُفْرِغُ الْحُلْمُ مَا لَدَيهِ
فِي قَنَانِي الذَاكِرَةْ
وَيَرْحَلُ مُتَأبِطَا
ذِرَاعَ الدُجَى

وَأعُودُ مُتَكِأً عَلَى
وَجَعِ الشَهِيدْ
وَالْعَهْدُ يَحْتَرِقْ

وَعِنْدَمَا يَخْتَنِقُ النَهْرُ
فِي  مَآقِي الْمَيدَانِ أَنْطَلِقُ
وَأخْتَرِقْ

اغْتَسِلُ بِلَهْفَتِكِ
وَانْتَحِلُ صَحْوَتَكِ

وَفِي تَسَلُلِ أهْدَابِ الْفَجْرِ
مِنْ ثُقُوبِ اللَيّلِ
اسْتَحْضِرُ ثَورَتَكِ

وَفِي انْحِنَاءِ هَامَةِ الرِيحِ
حِينَ انْتِصَابِ النّخْلِ
اعْزِفُ نَغَمَتَكِ

يَنْمُو الْيَقِينُ
عَلَى رَوَابِي الضَجَرْ
وَيُدَوّي الصَبْرُ مُعْلِنَا
نِهَايَةَ الذُبُولْ

لَنْ نُسْرَقَ مِنْ جَدِيدْ
لَنْ يُخْتَزَلَ الدَمُ
فِي أوَانِي الصَدِيدْ

وَتَهْتِفُ الصُدُورُ الْعَارِيةْ
لَنْ تَنْتَحِرَ الزُهُورْ
وَلَنْ تَسْقُطَ الطيُورْ

د.مصطفى الجزار
26 سبتمبر 2011

----------------------------



إِبْحَارٌ فِي هَوَامِشِ الْحُلْمِ

نَزَعَ الْبَرِيقَ
مِنْ أفْوَاهِ الْأَزِقَةِ
الْمُتْعَبَةْ
سَارَ  يَهْذِي خَلْفَ ظِلِي
ويَرْسُمُ دَوَائِرَ
مَجْدُولَةً بِدَمِي
كَاهِنٌ يَعِظُ وَجْهَ النَهَارِ
وَيُلَمْلِمُ فِي صَدْرِهِ
أرْصِفَةَ لَيلِي

وَأنَا أُقَاتِلُ الصَمْتَ حَتَى يَرْحَلَ
مِنَ الشُقُوقِ الْمُتَكَاسِلَةْ
عَارِيَا أَسْبَحُ فِي سَرَابٍ مُوَشَّى
بِقَاعَاتٍ خَاوِيَةْ
وَحْدِي أُقَاوِمُ الْأَلْسُنَ الْمُلْقَاةَ
عَلَى هَوَامِشِ دَفَاتِرِي الصَاخِبَةْ

الْجُوقَةُ تَعْزِفُ ذَاتَ رُكُوعٍ
فِي خَلْفِيةِ مَشْهَدٍ مُلَونٍ
بِتَقْدِيسِ الْفِرْعَونِ الْمُمْدَدْ

تَنْمُو تَحْتَ السِيقَانِ أَقْدَامٌ
تَرْتَكِبُ الرَكْضَ
فِي أَحْرَاشٍ تَهْذِي

تَقُولُ غَيمَةٌ يُعَانِقُهَا اللَيلُ:
إنَ الْمَطَرَ يَسْكُنُ عِنْدَنَا
وَقَدْ رَأينَاهُ الْيَومَ مُكْتَئِباً
بِضْعُ قَطَرَاتٍ فَرَرْنَ مِنَ الْبَيتِ
وَذَهَبْنَ إلَى السُوقِ الْمُتَهَاوِيةْ

الْحَانَةُ تَرْقُصُ ابْتِهَاجاً
بِعَودَةِ الْحَرَائِقِ الْمُتَوَارِيّةْ
وَجَاءَ طَيفٌ
مِنْ أقْصَى الْجُرْحِ يَقُولُ :
كَفَاكَ مَا أشْعَلْتَ
أخَذْتَ كُلَ الْمَاءِ
وَأودَعْتَ لَدَينَا
كُلَ النَارِ

يُشِيرُ الذِئْبُ بِمَا تَبَقَى لَهُ
مِنْ الْأصَابِعِ الْبَذِيئَةْ
يُصَوّبُ إلَى مَسَامِعِي قَيظاً
مَمْهُوراً بِأنْيَابٍ لا تَشْبَعُ :
الْفَرِيسَةُ لا تَنْضُبُ
وَالْبَيدَرُ مَازَالَ يَعِجُ
بِالسَنَابِلِ الْيَافِعَةْ
مَا رَأيتَ مِنْ خُبْزٍ
فِي حُلْمِكَ الْمُتَعَجِلِ
لَيسَ لَكَ
كَيفَ تَحْلُمُ بِخُبْزِي؟
تِلْكَ آخِرُ سُطُورِ الْحُلْمِ
انْسِجُهَا لَكَ كَابُوساً
يُمْطِرُكَ بِلَهَبِي

تَفُورُ أَوعِيةُ الطُوفَانِ
خَلْفَ دَمِي
تَمُوجُ بِحَارٌ مُتَرَامِيةُ الصَرَخَاتِ :
هَيهَاتَ يَا بْنَ الْفِرْعَونِ
لَنْ يَسْكُنَنِي كَابُوسُكَ
أنَا مَنْ يُسَطِرُ الْحُلْمَ
وَمَا عَلَيكَ غَيرَ قِرَاءَتَهُ

د.مصطفى الجزار
4 أكتوبر 2011

-----------------------------


الْوَدِيعَةْ

أَوْدَعْنَا عِنْدَكَ صَفْحَةً
سُطُورَهَا بَيضَاءْ

أَوّلَ السَطْرِ حُلْمٌ
يَتَنَفّسُ السَمَاءْ

وَسَطَ السَطْرِ ابْتِهَالٌ
وَدُعَاءْ

آخِرَ السَطْرِ
فَرْحَةٌ خَضْرَاءْ

اِفْتَرَشْتَ الصَفْحَةَ
وَلَبِسْتَ ثِيَابَنَا
ثُمَ أَسْكَنْتَنَا أَنْيَابَ الْعَرَاءْ

تَاهَتْ فِي دُرُوبِكَ صَفْحَتُنَا
فَأَقْبَلْتَ تَسْأَلُ :
مَنْ هَؤُلَاءْ؟

نَحْنُ مَنْ صَاغَ الْعُرْسَ
وَأَطْلَقَ الرَبِيعَ مِنْ بَرَاثِنِ الشِتَاءْ

طَوَيتَ الصَفْحَةَ
وَبَدَأْتَ سَطْرَاً يَشُوبُهُ انْحِنَاءْ

أَوّلَ السَطْرِ  أَعْلَامٌ
تُعَانِقُهَا دِمَاءْ

وَسَطَ السَطْرِ أَكْفَانٌ
وَشُهَدَاءْ

آخِرَ السَطْرِ
نُقْطَةٌ سَودَاءْ

د.مصطفى الجزار
11 أكتوبر 2011

----------------------------

مُسْتَقْبَلٌ ... يَنْتَحِرْ

مِنْ أَقَاصِي الصَقِيعِ
يَنْدَلِعُ فَجْرٌ
مَاتَتْ فِي لَيلِهِ
أَغْصَانُ الْقَمَرْ

يُطْفِّئُ نُجُوماً
تَسْفِكُ الْحُرُوفَ حِينَ الصَمْتِ
فَتَنْسَابُ كَلِمَاتٌ
مُعَتّقَةٌ مُنْذُ الْمَطَرْ

تَنْقَشِعُ ظُلْمَةُ الْحَجَرِ
وَتَغْدُو أَقْدَامٌ
تَحْمِلُ فَوقَ رُؤوسِهَا نُعُوشاً
كَانَتْ بَشَرْ

تَغْتَسِلُ الشَمْسُ
خَلْفَ وُرَيقَاتٍ تَتَسَامَرُ
فِي رَدْهَاتِ مَشَاعِرِ الشَجَرْ

وَمْضَةٌ تَنْبُعُ هُنَا
فَتَنْبُتُ بَيَارِقُ الضَوءِ
هُنَاكَ
وَيَعْلُو نِضَالُ الشَمْسِ
وَانْكِسَارُ السَحَرْ

ذِرَاعُ شَجَرَةٍ يُعَرْبِدُ
بَينَ خُصْلَاتِ هَسِيسِ الْعُشْبِ
لِيَقْطُفَ هُطُولَ الْقَدَرْ

أُجِيدُكَ يَا وَطَنِي
وَأَجْهَلُ مَضَارِبَ التِرْحَالِ
وَأَحْرَاشَ السَفَرْ

أَنَامِلُ الدِفْءِ
تَبْتَهِلُ فِي مِحْرَابِ الذِكْرَى
فَتَنْفَجِرُ أَبْجَدِيَةُ رَبِيعٍ
كَادَ يَحْتَضِرْ

أَهْفُو إلَى وَطَنٍ
كَانَ
وَأَبْكِي حَاضِراً
يَعْتَنِقُ قِطَارَ الرِدَةِ
وَانْعِي مُسْتَقْبَلاً
يُولَدُ لَيَنْتَحِرْ

د.مصطفى الجزار
12 أكتوبر 2011
-----------------------------


نُقْطَةُ دَمٍ

نُقْطَةُ دَمٍ
عَلَى سَطْحٍ مَائِلٍ أَمْلَسْ
سَطْحٌ .. مَائِلٌ .. أَمْلَسْ

تَنْدَفِعُ نَحْوَ الْأَسْفَلْ
وَهِي ابْنَةُ الْأَعْلَى الْأَقْدَسْ
ابْنَةُ .. الْأَعْلَى .. الْأَقْدَسْ

تَتَلَقّفُهَا أَرْضٌ تَجْلِسُ
عَلَى أَرْضٍ وُعُودُهَا تَوَجُّسْ
أَرْضٌ .. وُعُودُهَا .. تَوَجُّسْ

أَلَا يَصِيرُ الدَمُ مَاءً
فِي يَدٍ عَهْدُهَا تَدَنَّسْ ؟
يَدٌ .. عَهْدُهَا .. تَدَنَّسْ

حَاكَمْتُم الْبَرَاعِمَ
وَاعْتَقَلْتُم الْمَطَرَ
فِي زَمَنٍ غَيمُهُ تَكَدَّسْ
زَمَنٌ .. غَيمُهُ .. تَكَدَّسْ

فَوَيلَكُمْ
مِنْ زُهُورٍ ارْتَوَتْ
بِدَمٍ ثَائِرٍ يَتَنَفَّسُ
دَمٌ .. ثَائِرٌ .. يَتَنَفَّسْ

د.مصطفى الجزار
2 ديسمبر 2011
-----------------------------------


فِي بِلَادِي ثَورَةْ

أَعْلَنَ الْمِذْيَاعُ ذَاتَ صَبَاحْ
أَنَ فِي بِلَادِي ثَورَةْ
وَالشَّعْبُ يُرِيد
وَطَناً جَدِيد
وَحَبَّاتُ الْيَاسَمِينْ
تُعَطِرُ الْمَيَادِينْ

حَلَّقَ الْحُلْمُ الْقَابِعُ
فِي قَاعِ السِّنِينْ
أَنَاشِيدْ
أَهَازِيجْ
وَ عَينُ قَنَاصٍ لَعِينْ
وَصَرْخَةٌ شَقَتْ
صَدْرَ الْأَنِينْ
سَرَقُوا الْأُمْ
وَشَوَّهُوا الْجَنِينْ

وَحَولَ الْحَنِينْ
تَدُورُ رَحَى الْمَلَاِيينْ
الدَّوَرَانُ لِلخَلْفِ
نَوبَةُ رُجُوعٍ
يُعْلِنُهَا نَايٌ حَزِينْ
وَنَوبَةُ صَحَيَانِ
يُطْلِقُهَا الشَّيطَانْ
سَارِقُ الْأَوطَانْ

الْيَاسَمِينُ تَحْتَ الْأَقْدَامْ
وَخَلْفَ الْقُضْبَانْ
وَفِي ذَاكِرَةِ النِّسْيَانْ

الْجَانِي يَحْكُمُ
وَالْقَتِيلُ مُذْنِبْ
وَالْقَاتِلُ سَجَّانْ

بُوقُ السُّلْطَةِ يَنْعِقُ
وَالصَّمْتُ السَّاكِتُ يَنْطِقُ
الشَّعْبُ يُرِيدْ
مَوتَ النَّشِيدْ
وَإِطْفَاءَ الْحُلْمِ
وَالْعَهْدَ السَّعِيدْ
فِي رِعَايَةِ
ذِي الْعُمْرِ الْمَدِيدْ

تَتَدَاعَى الْأَكَلَةُ
عَلَى قَصْعَةِ الْوَهَنْ
مَسَابِحُ وَجَلَابِيبْ
وَلِحًى مُخَضَبَةٌ بِالْوَثَنْ
وَمِنْ ثُقُوبِ الْحَقِيقَةْ
يَقْطُرُ دَمُ الْمَقْتُولِ
فِدَاءً لِلوَطَنْ
وَعَلَى سَفْحِ الْكَرَامَةِ
يَعُودُ التَّائِهُ
وَتَسْقُطُ الْفِتَنْ

وَيَنْمُو الْهُتَافُ رَغْمَ الْمِحَنْ
فِي بِلَادِي ثَورَةْ


دكتور مصطفى الجزار
21 يناير 2012


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق